روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات نفسية | أعاني الضغوط.. والوساوس الشيطانية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات نفسية > أعاني الضغوط.. والوساوس الشيطانية


  أعاني الضغوط.. والوساوس الشيطانية
     عدد مرات المشاهدة: 2779        عدد مرات الإرسال: 0

السؤال:

أنا امرأة غير متزوجة وأبلغ من العمر 31 سنة، وكنت معلّمة لغة عربية في مدرسة أهلية لمدّة سبع سنوات وكنت معلمة متميّزة والحمد لله وقد أشعرتني تلك المدرسة بتقدير الذّات ولكن كنت أعاني من ضغوط عمل شديدة وكثيرًا ما كنت أعاني من الاكتئاب لمتطلبات العمل وضغوطه.

قررت الاستقالة لمدّة سنة لأخذ دورات تطويرية (كمبيوتر، إنجليزي)، ولكني بصراحة أصبحت لا أحب التدريس وصرت أرغب بوظيفة إدارية.

مكثت في البيت في بداية السنة الثانية أنتظر وظيفة جديدة قد تقدمت لها وكانت تصيبني حالة صداع شديد وإمساك وكسل وخمول فرقيت نفسي ذات مرّة فوجدت قدمي ترتفع،فقررت قراءة سورة البقرة فصرت أدور على نفسي وكأن أحدا يريد أن يصدني عن القراءة أو رمي المصحف،ثم ذهبت للشيخ في يومين متتالين على أنّي مصابة بالعين،فأصبحت أعاني من تقلصات في الأطراف وألم شديد في القدم اليمنى وكأنها ستنقطع وذلك في اليوم الثالث ثم لاحظت أن يدي تتحرك لا إراديا وتدلك مواضع الألم ثم صرت أتكلّم لاإراديا وأبكي وأدعو وأقول لأمي بأنك ستدخلين الجنّة وأبي في الجنّة وذلك لمدّة ساعة كاملة،فذهبت إلى طبيب نفسي وأعطاني علاجا ثم إلى أخصائيين نفسيين لعقد جلسات متخصصة والحمد لله صرت أستجيب،مع الاستمرار على الرقية الشرعيّة والذهاب على مركز تحفيظ القرآن، ولكن يعتريني التفكير والخوف من المستقبل حول المال الذي جمعته من المدرسة القديمة، وهل سيكفيني؟ خاصّة أني لم أتوظّف إلى الآن فماذا أفعل خاصّة أني في مرحلة علاج والتدريس ليس من رغبتي؟،وأنا لم أتزوّج لأنه لم يتقدّم لي الكفء وبصراحة أتخوف من مسؤوليّة الأبناء. كما أني متخوفة من الوحدة لأن جميع أفراد العائلة متزوجون وليس معي إلا أمي وهي امرأة كبيرة. فبماذا تنصحوني؟

الجواب:

أختي الكريمة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جميل أن يحدد الإنسان هدفه في حياته، وأن يسير إليه بخطوات مدروسة وواضحة المعالم، وهذا ما كنتِ عليه منذ تخرجكِ وعملك في مجال التدريس، ثم التفكير في تطوير نفسكِ بالحصول على دورات الكمبيوتر واللغة الانجليزية، ومن الجميل أيضًا خلال الحياة أن يشعر الإنسان بالرضا عن أدائه كفرد في المجتمع تقدر جهوده، وبالتي يشعر هو بتقدير واحترام لذاته.

كذلك يحتاج الوصول لهذا الهدف إلى تعب ومجهود كبير، خاصة وأن مهنتكِ في مجال التدريس مجهدة ذهنيًّا وبدنيًّا، وبالتالي فضغوط العمل ستكون كبيرة، لكن من يحمل هدفًا واضحًا يتحمل هذه الأعباء بروح معنوية عالية لا يستسلم خلالها للاكتئاب.

وهنا أختي مشكلتكِ تنقسم إلى أربعة أقسام دعينا نتحدث في كل منها على حدة:

- عملكِ في مجال التدريس أو أي مجال آخر.

- زواجكِ وخوفكِ من المسئولية.

- خوفكِ من المستقبل والوحدة.

- حالتكِ النفسي.

بالنسبة لعملكِ فقد ذكرت أنكِ مارست هذه المهنة لمدة سبعة سنوات، ثم قدمت استقالتكِ، وهنا كانت المشكلة الأولى فقد كان قراركِ بترك المدرسة لأجل الدورات متعجلا، فأنت لا تحملين مسئولية بيت زوجية وأبناء وبالتالي فوقتكِ كان يسمح لكِ بالذهاب للمدرسة في الصباح واختيار مواعيد للدورات مساءً- مع الترتيب مع أحد محارمكِ بتوصيلكِ- حتى لا تخرجي وحدكِ متأخرًا، لكن قدر الله ما شاء فعل.

وهنا فصدقًا مشكلتكِ بسيطة للغاية تحتاج منكِ إلى عزيمة وإرادة قويتين للعودة لحياتكِ الطبيعية كما كانت سابقًا، ولا تستسلمي للهواجس التي تشعركِ بعدم رغبتكِ في العودة لمجال التدريس ثانية، فهو مجالكِ وتخصصكِ والذي عملت فيه فترة ليست قليلة من حياتكِ، وبالتالي اكتسبت خبرات كثيرة ستساعدك على تطوير نفسكِ بسهولة.

حاولي الرجوع لهذه المدرسة ثانية، حتى ولو براتب أقل، فأنتي بها كنت تتمتعين بتقدير الذات وهذا بحد ذاته سيكون بداية طريقكِ للخروج من الأزمة النفسية التي تعانين منها، ولا تنظري لمسألة ضغوط العمل هناك، ولا تدع لنفسكِ فرصة أخرى للفراغ.

التدريس مجال رائع من كل الجوانب، فهو مجال تتعرفي فيه على بعض الزميلات الصالحات ممن يكونوا صحبة جيدة لكِ إن قدر الله ولم تتزوجي الآن، كما إنه فرصة للتدريب على معاملة الأطفال، ليكون الأمر سهلًا عليكِ حينما تتزوجين إن شاء الله وتنجبين الأبناء، والأهم الهدف الذي ذكرته لكِ سابقًا، أنكِ عليكِ دور دعوي كبير في بث القيم الإسلامية في التلاميذ، وحثهم على الالتزام بطاعة الله عز وجل.

وإن شعرتِ بهذا الإصرار على ترك المجال، فلا تتركي المدرسة إلا بعد أن تجدي مجال عمل آخر، ويصل لكِ رد بقبولكِ النهائي، وبالتالي تتركين المدرسة وبعدها بأيام قليلة تتسلمين عملكِ الجديد، وأن كنت أرى أنه ليس الحل الأنسب.

أما بالنسبة لأمر زواجكِ حبيبتي، فيجب أن تعلمي أولًا أن الزواج رزق من عند الله تماما مثل العمل والمال والطعام، وكل مكتوب له رزقه فقد قال الله {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} ليس فقط ذلك بل أن الله سبحانه وتعالى قد أقسم على ذلك في الآية التي تليها وقال: {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ}. وقال رسولنا الكريم: «وإن الروح الأمين نفث في روعي أنه ليس من نفس تموت حتى تستوفي رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعاصي الله فإنه لا ينال ما عنده إلا بطاعته».

لذلك أختي عليكِ أن تتيقني أن الله مدخر لكِ الخير، وإن كل قدر بموعد حدده الله جل وعلا في علم الغيب عنده، لكني توقفت كثيرًا عند كلماتك (أتخوف من مسئولية الأبناء) فللأسف هذا ما نجح الإعلام الغربي والإعلام العربي المتآمر في أن يزرعه في عقول بعض الفتيات المسلمات، فالأبناء نعمة من الله وهبها لعبادة، ولا أنكر أن تربية الأبناء أمر شاق، ولكن الإسلام جعل ثواب الأم على الحمل والولادة والرضاعة وحسن التربية عظيم.

وقد جاء في الحديث أن حسن التربية ينفع الإنسان بعد موته، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»، وهو ما يبين أن حسن تربية الأولاد هو في صحيفة الآباء والأمهات، ومما يبين فضيلة تربيتهم أيضا قوله تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم}، أفبعد هذا تخشين الزواج لأجل تربية الأبناء!

إن جاءكِ شاب صالح ترضين دينه وخلقه فتوكلي على الله واستخيري جيدًا واستشيري وتزوجي، فكما قلتي أنتِ الآن تعيشين مع أمكِ حفظها الله ورعاها، لكن الموت حق، وقد يأتي يوم تشعرين فيه بالوحدة فعلًا، فلا تتركي نفسكِ فريسة هذا اليوم لأجل قناعات خاطئة ووهمية.

وبشأن أموالكِ فلا تحملي هم المستقبل أبدًا، فالرزق بيد الله، وليس بيد البشر، ولا بيدكِ، فأنت تأخذين بالأسباب للسعي للرزق، لكن الله من يرزقكِ، فلا تحملين هم ذلك أبدًا... وبإذن الله تتزوجين عن قريب ويتحمل مسئوليتكِ زوج صالح يقر عيناكِ.

ولا مانع أبدًا أن تحضري مجالس المؤمنات، فقد يكون هناك خير لك ينتظر، علم نافع أو سبيل إلى زوج صالح

وأخيرًا أخيتي نأتي للمشكلة الأخيرة والتي أراها الأهم وهي نفسيتك المرهقة، فأنت كنت شعلة من النشاط والحيوية أثناء عملكِ بالمدرسة، وفجأة وجدت نفسكِ في البيت مع أمكِ- بعيدًا عن الناس، وبالتالي فهذا سبب لكِ فراغًا كبيرًا وبالتالي فمن الطبيعي أن تشكين من كل ما وجدتيه من صداع وضيق وكسل وخمول، وهذا بدوره سيؤدي إلى شعوركِ بالاكتئاب خاصة مع دعمكِ النفسي.

فواظبي على المتابعة مع طبيبكِ النفسي، واستعيني بالله وحافظي على الطاعات والنوافل، واطردي كل هذه الوساوس من ذهنكِ، فأنا أثق أن فتاة مثلكِ قد منحها الله عز وجل قدرات وإمكانات لو استثمرتها لجعلت من لحظات الألم سعادة دائمة، فالإنسان المتفائل والإيجابي هو من يصنع السعادة بيده.

كذلك لا تحصري حياتكِ في مجال عملكِ فحسب، فتعالي معي الآن واحضري ورقة وقلم، واكتبي فيها ما الأسباب التي تجعلك سعيدة ومنطلقة، وخططي لحياتك، اكتبي ما هي مميزاتك الشخصية، وما هي المجالات التي تتفوقين بها، وما هي أحلامكِ التي تودين تحقيقها فتخدمين بها الإسلام والمسلمين، وانظري في جوانب التميز عندك والتجارب الناجحة لا الفاشلة، وابدئي رحلتكِ في حياتكِ بانطلاق وحيوية، واثبتي ذاتكِ في هذه المجالات التي تحددينها وتفوقي وتألقي بها.

كذلك مارسي بعض الهوايات المفيدة كأن تمارسين الرياضة، أو قدمي للدراسة في تخصص جديد تستهوينه، ويا حبذا لو كان في مجال علوم تربية الأطفال، وأكثري من القراءة والاطلاع، ووظفي نفسكِ في الخير ومساعدة الآخرين، وشاركي في تربية الفتيات الصغيرات.

وقبل هذا وذاك عليكِ باللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإهمال الوساوس السلبية فإن في الإهمال راحة نفسية وثقة عالية بالذات، وعليكِ مخالطة الناس، واجعلي علاقتكِ بالله دائمًا قوية، وحافظي على القيام والصلاة في السحر، والصيام، والدعاء،ولا تنسي أبدًا بر أمكِ ورعايتها فهي منبع حسناتكِ الآن بل وقد تكون طريقك للجنة، والله أسأل أن يفرج كربكِ ويرزقكِ السعادة، وبإذن تتحسن أموركِ في القريب العاجل وتتابعيننا بهذه الأخبار الجيدة عنكِ.

الكاتب: تسنيم الريدي.

المصدر: موقع المسلم.